أصوات في الرأس
النادي الملكي للأدب والسلام
أصوات في الرأس
بقلم الشاعرة المتألقة: سلوى بنموسى
أصوات في الرأس
تنظر للمرآة ترى صورتها آية في الحسن والبهاء
عينين جميلتين حالمتين ؛ أنف دقيق وجنتين تنم عن صحة جيدة تغر أحمر كالفريزا ؛ شعر أسود يرتمي بين خصرها ويجعل أنوثتها بينة للعيان
تبتسم تعشق روحها !!
تتساءل هل عمي الرجال ؟
- الا من رحم ربي -
لم لا يلاحظوا جمالها الفتان !؟
ويدقون بابها طالبين منها القرب و الارتباط ؟!
ويحهم مساكين ؟!
لا يعجبهم شكلها الطبيعي ؛ يتهافتون على نساء المساحيق واللغو والبغاء .
تتساءل هل فارس أحلامها سيأتي على حصانه الأبيض أو سيارته أو ممتطيا بغلا ؟
لايهم !! الذي تثوق إليه سيجردها من جلدها
ويمزج روحها بروحه ؛ و يضحيان كيان واحد
و يكون رجل وتوأم الروح
وأن يذوبها حنانا ومودة وأنسة ؛ وأن يحسن معاشرتها .
في هلوستها وتساؤلاتها الغيبية ؛ يدق صديق أباها ذو العقد الخامس تفتح الباب وببراءة الأطفال تقبله وتقول له : تفضل عمو ؛ سأنادي أبي
يعانقها بشدة ويدنو من تقبيل تغرها اللذيد .
تبعده عنها بأدب قائلة : هل أنت سكران !
لم تتصرف قط معي هكذا يا رجل ؟!
يردف عمر : إني لأصاب بالجنون طفلتي كلما رأيتك
تعرفين زوجتي ماتت وأنا أضحيت وحيدا أربي ولدي لوحدي .
والله تعبت فلما أراك يجن جنوني ؛ وأحاول أن احتويك لعلني اشعر بكبريائي وبما بقي في درري من رجولة
فهل تستطيعي أن تكوني زوجتي ؟
أنا ..أنا .. :
صك فمها بيدها موشوشا في أذنها : فكري يا ملاكي فكري ...
سأنتظرك ما بقي من عمري لأسعد معك
حتى ولو كان عاما واحدا وأودع الدنيا بعده
كوني أميرتي احتوي عطشي ظمي حناني
عانقي شيبتي راقصي فؤادي العليل
امسحي دمعتي
انفدي لقلبي وتربعي فيه ملكة بأزهارك وبريحانك
وبأنفاسك ؛ أضيع أنا كطفل صغير ضل الطريق
خديني معك في زهرة شبابك اسقيني بنسائمك وبروحك
اعيدي الي الشباب وهبيني أسعد لحظات عمري الضائع
فأنا دونك أموت وبك أسعد وأعيش وأبتسم وأغنم وأطرب
فتحت فاه دعاء المسكينة وصدمت قائلة : كيف لرجل مثله شيبا ووقارا أن يتنفس الأشعار ويطلق العنان لزهرة شبابه المختفية وأن يطرب روحها بكلمات ما قرأت عنها قط في الكتب
أو في نسمات الأحلام
جاء الوالد وجلسا يتناقشان ويتناولان الحلوى مع ابريق من الشاي المنعش .
صك الباب وراءه كمن صك قلبها وعقلها
لقد تمكن منها بكلامه المعسول الذي يدوب الشجر والحجر .
صباحا أستيقظت وهي تحاول ؛ طرد شبحه وكلامه من أنوثتها
ولكن هيهات هيات !!
لقد أصاب سهمه قلبها الصغير
وبدأت الأصوات في رأسها لا تريد السكون أو السكوت .
قدم مساء واحتوى يديها ولثمهما تقبيلا قائلا : ماجواب قمري وملاكي الصغير موافقة يا حبيبتي ؟
سأتزوجك ولن تندمي سأقدم لك روحي وكل ما أملك .
ترددت قليلا .
دلال المرأة وأجابت : موافقة عمو هههههه
ضمها لصدره وأجهش بالبكاء كطفل صغير
تزوجا وعاشا في سعادة
ودائما تأتيها الأصوات وتزعجها.
ماذا إذا رفضته !؟
ماذا إذا تزوجت رجلا من نفس سنها وجيلها ؟
ماذا إذا رفضت الاعتناء بولده ؟
ماذا .. ماذا ..... !؟
تنظر لسماء وتقول : شكرا يا رب العالمين على كل حال
إنها لعبة القدر .
فلتهدئي يا أصوات
ولتستكيني يا روحي
والتهدأ يا عقلي
ويا صوتي الداخلي ؛ تمتع بالموجود ؛ واقنع بالحاضر وإياك والجنون ودع العقل والتعقل هم أسياد الموقف
ثم تحزن قليلا صارخة : وماذا عن إنجاب الأولاد ؟
أريد أن أصبح أما يا رب العالمين
أفاتحه أنا ....لا لا زوجي الحنون لا أريد أن أغضبه
أو أقلل من رجولته .
تركت أمرها بيد الله . وعلى الله فليتوكل المؤمنون
صرخت ليلا من شدة الألم في بطنها
أنار زوجها المصباح واستدعى طبيب الأسرة .
عند فحصها ؛ أجزم هذا الأخير بأن المدام حامل
تنتظر مولودا .....
قبل زوجها رأسها و يديها الناعمتين .
وفرحته كانت أكبر من سعادتها !!
لأنه لم يشأ أن يحزن روحها وأن ينعتها بالمرأة العاقر .
كان شعورا جميلا وقويا بينهما ألا وهو جبر الخواطر
وكان أمر الله تعالى حكيما ومقضيا
وانجبا بنت امورة حسناء الحسناوات
فهل الصوت الداخلي همد واستكان يا ترى ؟؟
لا.. لا ..مازال الصوت الداخلي يزعجها أكثر فأكثر
عن مستقبل ابنتها الحلوة
وعن كيفية تعليمها ؛ وتزويج صغيرتها .
فيا صوت كن بردا وسلاما
ويا صوت أهدأ رجاء
ويا صوت اقنع
بعطاء القدر
بقلم : د. سلوى بنموسى
المملكة المغربية
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق