الأربعاء، 8 مايو 2024


قراءة تحليلية لنص تحت مظلة الانتظار للشاعرة فاطمة حرفوش 

النادي الملكي للأدب والسلام 

قراءة تحليلية لنص تحت مظلة الانتظار للشاعرة فاطمة حرفوش 

بقلم الناقد المتألق: زين المعبدي 

قراءة تحليلية في نص الشاعرة 

 / فاطمة حرفوش

محطةُ الإنتظارِ" 

بقلم فاطمة حرفوش 

تحت مظلةِ الإنتظارِ

إنتظرت قدومَ حلمٍ ورديٍ 

فاراً من مملكةِ الأحلامِ

بهياً ندياً شهياً يشعُ بالأنوار

يلامسُ شغافَ قلبها 

ببراءةٍ طفلٍ يحبو رويداً

نقياً .. كماء المطرِ 

واضحاً كشمس النهارِ .

أملاً ينهضُ باكراً من غفوته

ويمسحُ فجره عتمَ ليلٍ طويلٍ 

حلَّ بوطنها ولم يُعرف

له إندحارِ .

فرحاً يهطلُ كمطرِ الشتاءِ

يغسلُ الروحَ من أحزانها 

ويمسح أردانها ويعيدُ

 لها .. صحةَ المسارِ .

ويعبقُ بسمائها عطرُ السلامِ

بعد أنْ غابَ من ربوعها السلامُ 

وغادرتها أسراب الحمامِ

وانتشرت برياضها قطعانُ الغربانِ 

وأسرابُ الجرادِ وأشباحُ الظلامِ

فمضى ربيعُ عمرها كلمحِ البصرِ

وقطاره مرَّ سريعاً  على سكةِ الأيامِ

ولم تزل واقفةً في محطةِ إنتظارِ


(هذه قراء لا تعدو القراءة الأخيرة للنص)


إذا كان الشعر يستوطن الجسد الحالم، فلابد أن يكون باعثاً للحركة الوردية 

 وإذا كانت القصيدة وطناً، فيحق لابنة حرفوش أن تقيم في هذا الوطن، بل ترسم وتشكل بدمع متلألئ ملامحه وخارطته الجديدة حتى وإن كان في مخيلتها أو تحت مظلة انتظارها !!

وبُجل الكلمات وبيان الصور وروعة الاسقاط إيماء الرمز تثير الشاعرة مظاهرة تشبه مظاهرة الورد المؤيد بالصحو المنعم البهيج الذي يحلم بالندى وبذوخ شمس تزيل الضباب وتمسح عتمة الليل الكئيب فلازال الأمل يحدوها،  تلك الثائرة تحرك المفاصل المعطلة في جسد هذا الواقع المتخاذل، وتضفي عليه جمالاً، وهي تمغنطة بحرارة شعورها الإنساني. فهي تهزم اليأس وتعيد له ربيعه الأفل

ووروده الذابلة، وتقيم للمحبة والحرية كرنفالاً من الصور حتى ولو كان الأمل والحب واللقاء محض انتظار ...

والخلاصة

محطة انتظار

عنوان يشئ بالعديد من الدلالات المعنوية والمادية ومجئ المفردات  نكرة يعطي مزيداً من المديدية /فمحطة/ اسم لمكان مادي و/الانتظار/ شئ معنوي وتضايف المادي مع المعنوي يبلور صورة كاملة حيَّة يجتمع فيها بنو البشر لاستقبال القطار( الزمن أو العمر) الذي يقلهم من كان إلى مكان و/القطار/ سيميائياً يعطي دلالة السرعة والمسار المحدد 

فالشاعرة  هنا ترمز للعمر أو للزمن أو ما شابه بالقطار وللحلم بالمخلص...

وسنتخذ في مبحثنا هذا بعض العناوين التي استخدمت فيها الشاعرة فاطمة حرفوش تقانات مزيجة ما بين التراثية والحداثية الفنية

فنجد : 

١- توظيف الصور البلاغية


استخدمت الكاتبة صوراً بلاغية تجريدية وتجسيدية وتشخيصية...

 فلم يخل النص من تراسل الحواس وسنتخذ بعض الصور كإنموذج نظراً لضيق الوقت

فنجد:

أ- تراسل الحواس


حلم وردي/ تراسل حواس في تصويرها لمعنوي /الحلم

بمعنوي أيضاً اللون الوردي/


ب- التجريد 

مملكه الأحلام / يلامس شغاف القلب/

 

ج التجسيم 

يغسل الروح/ فرحاً يهطل....


فكلها صوراً بلاغية مصغرة تصور فيها الكاتبة حال الوطن عندما يأتي المخلص  الذي رمزت له بالحلم والذي يحول ذلك الوطن إلي مملكة أحلام في إسقاط  على المدينة الفاضلة أو اليوتوبيا... واليوتوبيا هي التكيُّف الأدبي الذي يتخيل فيه الكاتب الحياة في مجتمع مثالي لا وجود له على أرض الواقع تظهر فيه الحياة بكل سبل الراحة والسعادة حيث يكون الوطن هنا /بهياً/ شهياً/ يشع بالانوار هذه التقانة مشهورة عند اغلب كُتاب الروايات -

ثم نستشعر في نهاية النص مفارقة أيضاً بين اليوتوبيا والديستوبيا 

حيث الأخيرة ظهرت في نهاية النص والتي تمثل المدينة الفاسدة 

أول مجتمع الفاسد الغير فاضل الذي حوله العدو إلى فوضى يحكمها الشر المطلق ويتجرد فيها الإنسان من انسانيته وهو نوع من الأدب الخيالي يستخدم لتسليط الضوء على القضايا الشائكة عن طريق العالم الوهمي ورغم اختلاف اليوتوبيا عن الديستوبيا إلا انهما ينطلقان من دافع واحد هو الإحساس بالمسؤولية المجتمعية 

فنجد الإسقاط الديستوبي في قول الشاعرة عن وضع الوطن الحالي:


انتشرت برياضها قطعان الغربان 

 وأسراب الجراد 

 وأشباح الظلام 


كلها صور ذات أبعاد اسقاطية على الخونة والعملاء والدخلاء

لنجد مجموعة من الصور في بداية القصيدة أحدثت مفارقة فجّة بين مجموعة صور بالخاتمة

والمزية في هذا النص أن الكاتبة طبقت مبدأ أرسطو في التراجيديا التي تبدأ من السئ إلى الأسوء أو من الجميل إلى السئ من الحلم والديتوبيا الجميلة إلى الفاجعة واليقظة على الديستوبيا المُرة...


٢- المزج بين المتناقضات


الإنتظار/ الفرار

مظلة / أنوار 

الفرار / الحبو

الغفوة / النهوض

كلها متضادات توضح المعنى وتزيد من لمعانه.

٣- انسجام المفردات


حلم /غفوه/ قدوم/ حبو/ نقاء/ وضوح/ مسح...

حيث اختزلت الشاعرة المعاني الدلالية العميقة لتعبر عن عمق وصدق تجربتها الشعرية فقد استخدمت مصادر عديدة منها أيضاً مصادر الطبيعة مثل:

وردياً/ ندياً/ ماء/ مطر/ شمس/ نهار/ فجر/ عتم/ ليل/ شتاء/ سماء/ حمام/ غربان/ جراد/ ظلام/ ربيع/....

 

٤- الموسيقي 


أ- الموسيقى الداخلية

 ومصدرها مخارج الحروف والتي انسجمت مع قِصر السطر إلذي يعطي نغماً موسيقياً صاخباً في بداية النص مما يدل على القوة والعزيمة والأمل والذي تناسب عكسيا في نهاية النص حيث خفتت الموسيقي مع طول السطر في مرحلة أشبه بانتهاء الصراخ وهذا نابع من تجانس المفردات ويؤكد عمق التجربة ووحدتها

بهياً/ ندياً/ شهياً/ ....

مع قصر السطر.

 

ب- موسيقى خارجية 


تنبع من السجع والجناس والترديد المدوي

الانتظار/ الأنوار/ النهار/ اندحار...

 مع وطول السطر 


٥-الضمائر


استخدمت الشاعرة ضمير الغائب لتعميق  التجربة وفتح باب التأويل مما ساعد ذلك على حسن السبك وجمال البناء فجعل القارئ شريكاً في العملية الإبداعية وليس مجرد مستهلكاً وكذلك ضمير المتكلم


٦- البناء


البناء جاء قصصي عبارة عن سرد لحلم تنتظر فيه البطله المخلص الذي سيخلص الوطن المنكوب من ايدي الخونه ويسير به إلى الطريق الحق والنور والعدل في أسلوب مشوق وممتع


٧- الأسلوب 


الاسلوب خبري أشبه بالسرد القصصي

يحمل معنى الرجاء والأمل ويحدوهما العتاب والاستنكار


٨-اللغة 


لغة فصيحة جزلة أقرب لمستوى القارئ البسيط وهذا دللت عليه الألفاظ المنتقاة من الطبيعة التي لا يجهلها قارئ

والتي ذكرناها مع انسجام الألفاظ 

٩- شكل النص 

أسطر - شعر منثور على منوال /أدونيس/ ومظفر النواب / وانيس الحاج....وغيرهم .

نص ثوري 

حيث بدأت بالانتظار في ريعان الشباب 

وصولاً بسن متقدمة ولا زالت تنتظره رغم مرور قطار العمر بسرعته

مما يضفي معنى الإصرار والعزيمة والأمل حتي انتهاء النص.


المأخوذ على الشاعرة من هنات


( وجهة نظر)

{ التكرار }

تلك تقانة عالية نعرفها لدى شعراء العرب وأعللامهم مثل مالك بن الريب التميمي الذي كرر بعض المفردات  في بائيته المعروفة فهدفها تعميق التجربة 

 وايغضاً جلب الموسيقي والصعود بالنص إلى مرحلة النمو والحركة

ولكن استخدمت الشاعرة هنا صوراً مكررة لا تنمي المعنى بل تهبط بالنغم مثل تكرار صورة// كماء المطر// مرتان في صورتين كليتين ناهيك عن الصورة الكلية بعد جملة// حل بوطنها ولم تعرف له اندحار// إلى هنا و(بالنسبة لي) انتهى وصف البطل أو الحلم ثم تعيد تكرار نفس الفكرة ولكن بصور مختلفة لا تنمي النص وهذا من بداية قولها /فرحاً يهطل كمطر الشتاء/ إلى قولها /وصحة المسار/ فالترديد والتكرار الضمني اتخذته الشاعره تكأة تستند إليها للمضي قدماً في النص رغم انه لم يقدم جديداً فقد وصفت البطل أو الحلم أو المخلص ثم أتت بما ترجوه منه وهو //يمسح عتم ليل طويل حل بوطنها

 ولم يعرف اندحار// انتهى هنا الوصف لماذا العودة إليه مرة أخرى؟

وكذلك// ربوعها السلام//

//وعطرها السلام//. 

نص في منتهى الروعة والجمال  والحديث فيه يطول

&&زين المعبدي&&

توثيق: وفاء بدارنة 



هناك تعليق واحد:

  1. بكل الحب والتقدير أنقل لكم أسمي التهاني القلبيه بمناسبه نجاحكم الباهر والمتميز
    دام إبداعك وتميزك 🌹🌹🌹

    ردحذف