*** فلسفة الوسام. ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** فلسفة الوسام. ***
بقلم الشاعر المتألق: وسام طيارة السوري
*** فلسفة الوسام. ***
🌬 الطاغية الذي يسكن أيامنا 🌬
كل حضارة تبدأ من فكرة، وتنتهي حين تتحول الفكرة إلى عادة، وتتحول العادة إلى قفص لا يراه أحد إلا من قرر أن يخرج منه.
نستيقظ كل صباح وكأننا لم نغفُ أصلاً،
بل كنا ننتظر في غرفة الانتظار الكبرى التي يسمونها النوم، إلى أن يرن جرس العودة إلى الدوران.
نغسل وجوهنا بنفس الماء الذي غسلناه بالأمس،
ونرتدي ذات الوجوه التي ارتديناها منذ سنوات،
ونمشي إلى حيث تمشي أقدامنا دون أن تسألنا لماذا.
الروتين ليس ما نفعله، بل ما لا نسأل عنه.
إنه المرض البطيء الذي يحقنه العالم بجرعات متساوية، حتى لا نشعر بسمه إلا حين نفقد القدرة على الحلم.
والملل ليس غياب الحدث، بل غياب المعنى؛
إنه ذلك الصوت الخافت الذي يهمس لك وأنت في منتصف زحام النهار:
"كل هذا حدث بالأمس.. وسيحدث غداً.. بنفس التعبير على وجهك."
الضجر حيوان صغير يعيش في زاوية عقلك،
لا يعضك دفعة واحدة، بل يقضمك بهدوء، قطعةً قطعة،
إلى أن تكتشف أن كل ما فيك صار يابساً،
وأنك تتنفس فقط لأن الهواء متاح، لا لأنك تريد أن تتنفس.
أما التوتر،
فهو سياجٌ من أسلاك شائكة نضعه نحن حول أيامنا،
ونقف خلفه نلوم الآخرين على أننا محاصرون.
الصراع اليومي ليس ذلك الانفجار الكبير الذي نتهيأ له،
بل تلك الحروب الصغيرة التي نخوضها ونحن نكتب رسالة عمل،
أو نقف في طابور،
أو نبتسم لوجه لا نطيقه،
أو نؤجل الشيء الذي نحب من أجل الشيء الذي يجب.
وكل مرة نفعل ذلك، نخسر سنتيمتراً من روحنا.
لكن فلسفة الوسام تقول:
الروتين ليس عدوك إذا قررت أن تجعله مرآة.
انظر فيه كل يوم، ليس لتُعدّ التجاعيد، بل لتُعدّ الأكاذيب التي صدقتها.
غير علاقتك به قبل أن يغيرك هو.
لا تنتظر اليوم الاستثنائي ليوقظك،
كن أنت الاستثناء في اليوم العادي.
واجه الملل كأنك تواجه معلماً قاسياً،
يكرر عليك الدرس حتى تحفظه،
ثم كافئ نفسك بأن تغيّر السؤال لا الإجابة.
وإياك.. إياك أن تعتاد.
لأن الإنسان الذي اعتاد هو الإنسان الذي ألقى سلاحه،
ونام في قلب المعركة، منتظراً أن يوقظه أحد، ولن يوقظه أحد.
نهايته.. أن الروتين حين يُستعبد الإنسان له،
يصبح أخطر من الطغيان؛
لأن الطاغية يُسقطه الموت،
أما الروتين فيظل قائماً حتى بعد موتك،
ليرثه أبناؤك كدينٍ قديم.
وأعظم انتصار تحققه في حياتك،
ليس أن تكسر قيدك مرة واحدة،
بل أن ترفض أن يُصنع لك قيد جديد كل يوم.
هذه ليست دعوة للثورة على العالم،
بل للثورة على نفسك..
لأن من انتصر على نفسه، لم يعد للعالم سلطة عليه.
Wissam Syrian
بقلمي: وسام طيارة السوري
توثيق: وفاء بدارنة


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق