✨ مُعلّقة العِشق
النادي الملكي للأدب والسلام
✨ مُعلّقة العِشق
بقلم الشاعر المتألق: رفعت رضا
✨ مُعلّقة العِشق
✍️ بقلم الشاعر رفعت رضا
---
يا ذاتَ العيونِ المُعتَّقةِ بالسُّكرِ
كأنَّ الهوى في رمشِكِ المُسفِرِ
سَقاني هواكِ، وما كنتُ أدري
بأنَّ الجوى من نبيذِ السَّحرِ
تُهتِ فؤادي، فهل من مَقامٍ
يؤوي جراحِي، ويشفي كِبري؟
أُناديكِ في ليلِ شوقي الطويلِ،
فهل تسمعينَ نداءَ القَدَرِ؟
تُسافرينَ بخدِّكِ مثلُ شِهابٍ،
وتُشعلُ فيّ احتراقَ القمرِ
إذا ما ابتسمتِ، فذاك انسكابٌ
من العِطرِ والضوءِ فوقَ الزهرِ
رويدَكِ، إنّ العِشقَ صارَ مَنايَ،
وفيكِ اختصرتُ مَدى عُمرِي
وإن همسَ الحرفُ باسمِكِ يومًا،
تهاوى الحروفُ كجندٍ غُيّرِ
وصوتُكِ نايٌ على ضفةِ الحُلمِ،
يُذيبُ الشتاءَ، ويبعثُ زهرِي
كأنكِ وعدُ الربيعِ المُخبّأ
بقلبِ الغيومِ، وركنِ السَّحَرِ
تجيئينَ مثلَ انبثاقِ الدعاءِ
إذا ضاقَ صدري، وضلَّ البصرِ
تُقيمينَ في خاطري كالسُّرَى،
وتغنينَ في صمتِ نايٍ ووترِ
إذا جئتِ، ضجَّتْ دمائي بنبضٍ
كأنكِ نارُ البخورِ العَطِرِ
وفي راحتيكِ انثيالُ الحكايا،
وفي نظرتيكِ ارتحالُ السُّفُرِ
تخطّينَ وجدي على وجنتَيكِ
كأنَّ الهوى صارَ وَشمَ القَدَرِ
فدعيني أتيهُ ببحرِكِ عشقًا،
وأسكُنْ هواكِ كطيفِ الشجرِ
وأرسمُ من شهقتي ألفَ غيمٍ
يُظلِّلُ ظلكِ في المُنتظَرِ
وأغزلُ من خصلِ شعرِكِ سِفرًا
يُروى به العاشقُ المُحتضرِ
فما الحبُّ إلاكِ حينَ تمادَى،
وما الشوقُ إلاكِ إنْ تُعتَبرِ
تُفيضينَ دفئًا إذا ما اقتربنا،
وتُصبِحينَ نارًا إذا ما ابتعدنا
كأنكِ نجمٌ، ولكنّهُ
يُداري اشتعالًا بحُلمِ البشرِ
وإن غِبتِ، صارتْ لياليّ صمتًا
يُصلّي على هدأةِ المُنحدَرِ
أطوفُ على وجهِ وجهِكِ سُكرًا،
كأنّي نبيُّ الهوى المُفتَتَرِ
وفي كلّ عطرٍ أراكِ، وفي كلّ
جُرحٍ أراكِ، وفي كلّ ذكرى أَثَرِ
فيا ذاتَ سحرٍ يجلُّ عن الوصفِ،
أميرةَ روحي، وسِرَّ الخبرِ
تأنّقي، فالعُمرُ ضاعَ بعينيكِ،
ولم يبقَ في القلبِ غيرُ الشّررِ
أنا العاشقُ الآن... لا مُتَّسَعٌ
لقلبٍ سواكِ، ولا مُعتذرِ
فكوني ختامَ القصيدةِ حلمًا،
يُصلَّى عليهِ بنبضِ السَّحرِ
فيا طلعةً من فُتونِ الزمانِ،
ويا منتهى الحُسنِ في المُنتظرِ
رأيتُكِ طيفًا، فغاصَ خيالي
كأنّي أُسافرُ في المُستَعِرِ
ومذ جئتِ، نامَ القصيدُ بحجري،
وصارَ الكلامُ صدىً يُفتَخَرِ
كأنكِ دعجاءُ تمشي الهوينى،
وفي كحلِ عينيكِ جَيشُ الخَطَرِ
مليكةُ وجدٍ على عرشِ قلبي،
وفي كلّ نبضٍ، لكِ المُؤتمرِ
تُزيحينَ عن صدريَ الوهمَ همسًا
كريحِ الصبا فوقَ نارِ الجَمَرِ
وفيكِ التثنّي، وفيكِ التمنّي،
وفيكِ اشتعالُ الهوى المُدَّبرِ
وما كلُّ أنثى تُضاهيكِ سحرًا،
ولا كلُّ عشقٍ كعشقِكِ يُذكرِ
كأنكِ حوراءُ تُورقُ وهمًا،
وفي الحُلمِ تختالُ مثلَ القمرِ
تمدّينَ جَذرَ الحنينِ بقلبي،
وتُغرقُني في بحارِ الفكرِ
إذا جئتِ، عادَ الربيعُ غُلامًا،
يُوزِّعُ وردَ الهوى للبشرِ
وإنْ ضحكتِ، استبانتْ شموسٌ
تُوشِّحُ وجهي بظلِّ السُّرُرِ
أنا الآنَ أنظرُ فيكِ كمن
يُصلّي لتاجِ الجمالِ الأغرِّ
وفيكِ اكتشافُ العصورِ جميعًا،
وفيكِ احتراقُ نبيِّ السُّوَرِ
تجلّيتِ لي كالمُنى في الليالي،
وأشعلتِ صمتي كنارِ السَّحَرِ
فلستُ أرى في النساءِ سواكِ،
ولا في المرايا سواكِ الأَثَرِ
فدعيني أُقيمُ على نحرِكِ الآن
معبدَ شوقٍ، وسِفرَ الظَّفَرِ
وأُعلنُ أني خليلُ ابتسامتكِ،
والصِّبُّ، والشيخُ، والمُنتظرِ
أيا قُدسَ شعري، ويا قبلتي،
ويا آيةً من ضياءِ الزُّهَرِ
ستبقينَ لي مثلَ حُلمٍ عتيقٍ،
كوسمٍ على ساعدِ القَدَرِ
فإنْ شئتِ هجري، فسيفي هواكِ،
وإنْ شئتِ قربي، فأنتِ الممرِّ
وما لي سِوى نظرةٍ من عيونكِ
تُحرِّرُ قلبي، وتنسى الأَسرِ
فدعيني أظلُّ على شُرفةِ الحرفِ
أُناديكِ من لهفةِ المُنتظرِ
وأكتبُ فيكِ القصيدَ المُعلّق
ما دامَ في القلبِ وَجدٌ عَطِرِ
فإنْ جئتِ يومًا على حينِ بَوحٍ،
سأنهي القصيدة... أو أبتدِرِ
وما زلتُ أُهدي إليكِ الحروفا،
كأنّي أُصلّي لأرضٍ جُرِفَا
أخطُّكِ في مدِّ نبضي نشيدًا،
وأرسمكِ الوعدَ إن غبتِ خُطفا
أيا سيّدةَ الصمتِ، هل تسمعينَ
ندائي إذا الليلُ ضجَّ وارتجفا؟
وهل تدركينَ بأني حَبيسٌ
تجمَّدَ في النبضِ، ذابَ وارتجفا؟
أتيتُكِ حافي القصيدِ، نقيًّا،
كطفلٍ تهادى إلى من عرَفَا
بكيتُكِ، لكنّ دمعي تخفّى،
كأنّي نبيٌّ يخافُ السُّخْفَا
أنا العاشقُ الآنَ... لا سيفَ عندي،
سوى أن يُنادِيكِ صبري، فَهَفا
كتبتُكِ في كلِّ وَشمٍ علَيَّ،
وفي كلِّ آهةِ صدرٍ رجفا
وها أنا أقفُ على بابِ صمتكِ،
أُسلِّمُ وَجدِي، وأَسألُ: هل كفى؟
أأبقى أسيرَ هواكِ المُغلّفِ
بكلِّ الجمالِ... ولا من عُرْفَا؟
فيا أُمَّةَ الضوءِ، قولي مقالَكِ:
أما آنَ لي أن أُجابَ... بوقفة؟
بقلم : رفعت رضا
توثيق: وفاء بدارنة


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق