*** العَقــل. ***
النادي الملكي للأدب والسلام
*** العَقــل. ***
بقلم الشاعر المتألق: سليمان دغش
*** العَقــل. ***
بقلم ::سليمان دغش
كُنْ قالَ، كُنتُ ولمْ يكُنْ إلّايَ يَومَئِذٍ
رأيتُ نوري كامِلاً ورأيتُ نَفسي مِلءَ شمسي
لمْ يكُن ليلٌ هناكَ ولا هُنا، فالليلُ مَرحَلةُ انتقالِ النورِ
مِنْ جِهةٍ إلى أخرى على دَيْمومةٍ كوْنِيَّةٍ
فَلِكُلِّ شيءٍ ضدُّهُ مِنهُ وضِدُّ النّورِ لَيْـــــلُ
مُتَعادِلانِ تَناقُضاً مُذ قالَ كُنْ يا عِلَّةَ العِلَلِ الوَحيدةَ
واصطَفاني، لا لكَيْ أستَبدِلَ الشَّمسَ التي لولايَ ما
وُجِدَتْ ولا أحَدٌ رآها، كَيْفَ يُبصِرُ نورَها منْ أعْتَمَتْ
فيهِ البَصيرَةُ، ما البَصيرَةُ غيرُ نورِ العقلِ والإدراكِ
في مِشكاتِهِ، لولاهُ لانكَمَشَ الوُجودُ وعادَ عادَ
لنقطَةِ البيكارِ واختَفَتِ الدّوائرُ كلُّها، لمْ يبقَ إلّا
نُقطَةُ الصِّفرُ التي تُلغي الوجودَ ولمْ يَكُنْ صِفرٌ
هُناكَ ولا هُنا، لا شيءَ مِنْ عَدَمٍ يكونُ
وَكُلُّ شيءٍ في الوجودِ بِعلّةٍ وَلِعِلّةٍ فأنا الإمامُ
ولا إمامَ سِوايَ، سَلَّمَني مفاتيحَ الهِدايَةِ والهُدى
حَتّى أنيرَ مسالِكَ التوحيدِ بالإدراكِ والعَقلِ الصَّفِيِّ
لِكَشْفِ سِرِّ الكَوْنِ، تَكْفي قَطرَةُ الماءِ الصَّفِيّةُ لاكَتِشافِ
السِّرِّ في ماءِ السَّماءِ وما تَعَدّاهُ إلى البَرْقِ المُرافِقِ
في ازدِحامِ الغَيمِ بالرّيحِ التي لسْنا نَراها
ثمَّ نسألُ كَيفَ يولِدُ زمهَريرُ الماءِ ناراً؟ إنّها سَيْرورَةُ
الأضدادِ ما بَينَ التناقُضِ والتَّوازُنِ في نَقائِضها
فأيَّةُ قيمَةٍ للعَيْنِ حتّى لو رأتْ لولايَ لمْ تُدرِكْ
حَقيقَةَ ما تَرى، فكأنّها عَمياءُ حتّى لوْ رَأتْ
فانظُرْ بِعَينِ العَقلِ فيكَ فلا خرافَةَ في الوجودِ ولا تُصَدِّقْ
غَيرَهُ فَهُوَ الدّلالةُ والدّليلُ إليهِ فيكَ، إليكَ فيهِ، فكُنْ
بِهِ حُرَّاً ولا تُثقِلْ جَناحَيهِ بِظِلِّ الوَهمِ في غَبَشِ الخرافَةِ
أو دَهاليزِ الأساطيرِ التي صَدَّقتَها عَبَثاً فأوْدَتكَ
الضلالةَ والضَّلالَ، وَرُحْتَ تَبحَثُ في السَّماءِ
عَنِ الحقيقةِ والحقيقَةُ فيهِ فيكَ، ولنْ تراها طالما
ظلَّ الزِّنادُ مُعطلاً لا قَدْحَ فيهِ لكيْ يؤجِّجَ علّةَ
الإدراكِ فيكَ ويوقدَ القنديلَ في المشكاةِ، تَتَّقِدُ
البَصيرَةُ عِندَها، لا ليلَ يحجُبُ هالةَ النورِ البَهِيَّةَ
إنْ أضاءَ العَقلُ شَمعَتها بِحكمَتِهِ فأدرَكَتِ الحقيقَةُ
فيكَ جَوهَرَها النّبيلَ، تَوَحَّدَتْ بالنورِ إنَّ النورَ مُنطَلَقُ
الحقيقةِ في تَجَلّيها البَهِيِّ على مدارِكِ وَعينا وكَمالُ
صورَتِها وسورَتِها بِنا، لا شيءَ إلّا النورُ يَسْتَعْصي
على التَّجزيءِ والتَّقسيمِ إنّ النورَ كُـــــلُّ
ولِكُلِّ شيءٍ في الوُجودِ ترى لَهُ ظِلاً
وأما النورُ ليسَ لدَيهِ ظِـــــلُّ
فانظُرْ بِعَينِ العَقلِ لا بالمُقلَتينِ فإنَّ نورَكَ فيكِ
عَقــــــلُ
(سليمان دغش)
توثيق: وفاء بدارنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق