الخميس، 27 يونيو 2024


(يا آسِرَة) - 

النادي الملكي للأدب والسلام 

(يا آسِرَة) - 

بقلم الشاعر المتألق: محمد رشاد محمود 

(يا آسِرَة) - 

(محمد رشاد محمود)

أسندت زنديها إلى طاوِلَةٍ ما بيننا وتراجعَت شيئًا ، كأنما تستَجمِعُ آلات فتنتها ، ونَفَضَت رأسها ، فانتثرَ عن يَمينه وشماله نثارٌ من تَمَوُّجات تزري بالعِطر ، وبدا جبينُها الأغَرُّ أنصَعَ مِن تَبَلُّج الشَّمس بعدَ انحجابها في يومٍ كئيب ، فقُلتُ - وكنتُ أعلمُ انشغالها بغيري - "أتتَزَوجينَني؟" .فَزَوَتْ ما بينَ عَينَيها وقَطَّبَت ، فبَدَت في تَقطيبها أنضَرَ و أبهى ، فعاجَلتُها مُداعِبًا :" أوَ تَظُنِّينني أُفطِرُ على بَصَلَةٍ بعد صيامي ذاك الطويل ؟ " . قالت وهي تَمُطُّ في حروفها مَطًّا : " يا سلاااام ! " . قُلتُ - وكانَ الوقتُ ربيعًا - " أتسهَرين ؟ " قالَت مُحاوِلَةً أن تربِطَ بين تلكَ الطَّفرَة وبين ما خُضتُ فيه : 

" ماذا ؟! " . قُلتُ :" سوفَ أنفُذُ إليك وأهبِطُ مع صبيب القَمَر من نافِذَتِك بعد مُنتَصَفِ اللَّيل ، فأحولُ بينكِ وبينَ النَّوم " وتَرَكتُها وتلك الأبيات تُزَمزِمُ ما بينَ جوانحي ذات يومٍ من إبريل عام 1987 :

سأرتـــــادُ وَكنَـــــكِ يــــــا آسِـــرَه 

وأنـــتِ عــلـــى غِــــرَّةٍ سَــــــادِرَه

وأُزري بِــأســبــابِــكِ المُــوصَـداتِ

خَيَـــــالًا سِـــوَى سُتـــرَةٍ ســاتِــرَه

إذا فضَّ منـــــكِ انسِــدالُ الـدُّجَى

مَفاتِـــــنَ جُنَّـــــتْ عَـن السَّـامِــرَه

وألثُــــمُ خَدَّيـكِ عِنـْـدَ افتِــرارِ الــ

لَمَى عَن مـبَاسِمِــكِ البــــاهِــــــرَه

وأشْتَفُّ مِن ناهِــدَيكِ انفِغـامَ الشـ

ــشَذا نَـــــدَّ عَــن زَفـــرَةٍ فائِــــرَه

وتُورِدُنــــي خَطَـراتُ النسـيــــــمِ

مَـــوارِدَ لِلــغَيــْــــرَةِ النَّـــــــاغِــرَه

يُــداعِبُ جَفنَيـــكِ بَــــدرٌ سكــوبٌ

وتَعتَـــــــــادُكِ الـنَّـــســمَةُ العابِـرَه

شَبـوبٌ لَهَـــــــا فـي خَلايـــا دَمـي

تَتــــابُـعُ أنــْــفــاسِـــكِ المائـــِـــره

لَهَــــــــا بَـينَ قَلــبي أُوامٌ نَسُـــوفٌ

وعِنْـــدَ اضْطِـرامِ الــحَنــايـَـا تِــرَه

تَعَالَـي فماضي عُهـُـــــودي رُفـ.اتٌ

وبِيــــــــــدٌ وآلٌ علَـــى واغِــــــرَه

تَعالِي نَلُــــذْ في هَـجيــــرِ المُلِمَّـــا

تِ بالـــدَّوْحِ والــرَّوضَةِ الــعـاطِرَه

يُدَغدِغُهــا الطَّيرُ عِنْدَ ارفِضاضِ الـ

ــضِّيــــَــاءِ وتَحضنُهـــــا النَّاشِـــره

تَـــدانَي نَحُـل مَــوجَــةً مِن شُعَـاعٍ

يُرَقرِقُهَـــــا الوَجـــدُ في السَّاهِـــرَه

لَيَــــالـيــكِ خَمْــــرٌ وشَدوٌ وشَــوقٌ

وشَــبَّـــــــابَةٌ بـــالأسَـــــا زامِـــــرَه

وإطـلالَـــــةٌ مِـنْ ظِلالِ الغُيــــــوبِ

علـى وَقْـــدَةِ الـقَلـــبِ في النَّـاقِـرَه

(مُحمد رشاد محمود)

.............................................

الناغِرَة : الغاضِبَة الفائِرَة . الأُوامُ (كَغُراب) : العَطَشُ أو حَرُّهُ . التِّرَة : الثَّأر.الآلُ : السَّرابُ.الواغِرَة : شديدَةُ الحَرِّ .

الهَجيرُ : شِدَّةُ الحَرِّ . النَّاشِرَة : الرِّيحُ الهابَّة والأرضُ المُنبِتَةُ من أثَر الرَّبيع . 

السَّاهِرَة : وَجهُ الأرض . الأسَا : المُداوَاة . النَّاقِرَة :المُصيبَةُ والدَّاهِيَةُ .

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق