الجمعة، 21 يونيو 2024


(بائِسٌ يَندُبُ أُمَّه)

النادي الملكي للأدب والسلام 

(بائِسٌ يَندُبُ أُمَّه)

بقلم الشاعر المتألق: محمد رشاد محمود 

(بائِسٌ يَندُبُ أُمَّه)

 - (محمد رشاد محمود )

كانَ ذلِكَ  في  إبريل من عام 1980 وقد رُحتُ  أضرِبُ  في  شوارِع الرَّمادي بالعراق في  هزيعٍ  متأخِّرٍ  من  الليل  ، بعد أن ظللتُ أقرعُ  بابَ  الفندقِ الذي أودَعتُ فيه جواز السَّفَر محاولًا  إيقاظَ  راعِيه حتَّى استَحيَيتُ ، ووجدتُني لقًى على الطريق أمامَ جهامٍ يتَرَصَّدُالسائِحَ ويُمسِكُ بخناق  النَّفس  وسماءٍ  تكادُ تُطبِقُ على  الأرض  ،  لولا  غمزات  نجومها ،  ولم يكُ  بُدٌّ  من  التطوافِ  حتّى يمتَعَ  النَّهار ،  في تَرَصُّد من سيَّارات الشُّرطة  وتَجَهُّم المارَّة ، واسْتَشعَرتُ حينها مرارَة  العجز ، وتلَبَّستُ حالَ البائِس  اليتيم يضيعُ بعَوزِهِ في غمَّاء ذلك العالم  الكبير والمُقَيَّد الراسِف  يستشرِف الفكاكَ  من القَيْد ،  وبعدَ  لأيٍ  أطلَّ الصباحُ  بوجهِه  وفي جيبي  قصيدَةً استعَنتُ بِدَندَنَةِ أبياتها على جهامَة الظُّلمَةِ  ورتابَة السُّكون ، كانَ منها هذهالنَّبضات :

نَجمَــــــةً  يَـــا أُمُّ  نَجمًــــا 

قَــد رَمَـــقْـتُ  الأنجُمَــــــا

غَاضَ  مِنِّي  البِشْـرُ يَا أُمــ

ــمُ ولَـــم  يَـجْفُ السَّـــــما

نامَ حَولي  الكَـونُ يا أُمْـــ 

ــمُ وَوَحْـــدي لَــــمْ أَنَـــمْ

أسْـأَلُ الظَّلْمَـاءَ عَنْ حِصْـ

ــني  وأَسْتَجْــدي العَــدَمْ

أَيْــــنَ يـــا أُمَّــــــاهُ وَجْـهٌ

مِنْــكِ يُــذري بـِالشَّـجَـنْ ؟ 

أَيْــنَ يَــــا أُمَّــــاهُ حضْنٌ

أتَّـقِي فِيــــهِ  المِــــحَـنْ ؟

مِنْ وَرَاءِ  الدَّمْـعِ يا أُمْــ

ـــمَاهُ  أسْتَجلِــي  سَـنَــاهْ

شَاكِــيًا مِنْ  ظُلْـمَةِ الـدُّنْـ 

ــيَــا وَمِنْ ظُلْـمِ الحَيَــاهْ

كَيْــفَ صَاحَ البُؤْسُ فَظًّا

كُـــنْتُ لِلـبُــؤْسِ صَــدَى

لَــيْتَني  كُــــنْتُ هَــــبَاءً

لَــيْتَـني  طَـوْعُ الــــرَّدَى

يُقْبِـــلُ العِيــــدُ ونَوْحِـي

بَيْـــــنَ  أَتْــرابِي وَحِيــدْ

لَهـوُهُــم لِـي مُـحْرِقٌ يَــا

أُمُّ والكَــــرْبُ  شَــــدِيــدْ 

كُلُّهُـــم قَـد زَفَّــــهُ لِلسَـــ

ــسَــــــــعْــــــدِ أُمٌّ  وَأَبُ

وَاَنــا في العِيدِ يَـــا أُمْـــ

ـــمَــاهُ  يُتْمِــي مُـــذْنِـبُ 

لَوعَتِي فِي القَلْبِ لا تَخــ

ـــبُـو وشَـــوْقِي دَائِـــــمُ

هَــــدَّ  مِنِّي  النَّأيُ نَعمَــا

ئِـي  وَكَــــــرْبي قَائِــــمُ

آهِ يَــــا أُمَّــــاهُ يَـــا أُمْـــ 

ـــمَـــاهُ يَــــــا أُمَّــــاهُ آهْ

بَـاطِلٌ ذا العَـيْشُ جَهْــمٌ 

بَـاطِشٌ شَـــوكٌ جَنَـــــاهْ

أَشتَكِــي البَلـوَى وأبْكِـي

لَيْسَ مَنْ يَبْكِـــي  مَعِــي

تَضْحَكُ الدُّنيَـا وكَـــرْبي

عَــــاصِفٌ في  أَضْلُــعِي

وَيَـرَاني النَّــاسُ لا يَكْــــ

ـــفِيهِـــــــمُ أنِّـــي فَقِيــرْ

 إِذْ بَلَــــوْا بَعْـــدَ اغْتِــناءٍ

فـــاقَةً كُــــنْـتُ النَّذيـــرْ

كَــــمْ  كَــــبِيرٍ مِنهُـمُ  قَدْ

كــانَ  بِالبَــطْشِ صَغيـرَا

يَجتَـــوي نَفْـعِي وَيُلْــفِي

مَطْلَـــبي المَأوَى كَبيـــرا

وثَـرِيٍّ  غَــــلَّ  عَـني الـــ

ــمـالَ واسْتَحْلَـى  دَمِــي

مُتْخَــمٍ  دُوني وجُــوعِي

نَـــاخِــرٌ فِـي  أَعْـــظُمِـي

نَجْمَــةً  يَــــا أُمُّ  نَجْمًــــا

قَـــدْ  رَمَــقْتُ الأَنْجُمَـــــا

غَاضَ  مِنِّي البِِشْرُ يا أُمْـ 

ــمُ ولَــــمْ يجْفُ السَّمَـــا

فارِيَـــاتٌ هُـــنَّ  يَــا أُمْــ 

ـــمَــاهُ  مَــــوْجَ الغَلَـــسِ

وَدُجَى الحَــــوْباءِ  لا يُفْـ

ـــرَى  بِضَـــوْءِ القَبَـــسِ

خَــاطِري يَـــا  أُمُّ  قَرحٌ

فِي  حَشَى الصَّدْرِ خَطِير

أُبْصِرُ الكَــــوْ نَ فَيَــدجُو

في  رُؤَى  نَفسِي المُنيــرْ

أيْــــنَ أيَّــــامٌ  تَقَـضَّــتْ

جَاهـلًا  فيهَــا السُّمُـومْ ؟

غَابَ عَنْهَـا السُّهدُ وانْجَا

بَــــتْ  شَقاوَاتُ الهُـمومْ

كُـنْتُ كَالعُصفُورِ أَلْهُــــو

مِــــنْ بسَــــاطٍ لِـــفَنـَـنْ

غَافِلًا عَنْ  نَكْـبَةِ  الدُّ نْــ

ــيَـا وبَأسَـــــاءِ الزَّمَـــنْ

ارْجِـعِي يَــــا أُمُّ  تَرْجِعْ

لِلدُّنـــــا  رُوحُ  الحُبُــورْ

طَيْفُــكِ الخافِي رَجَائِي

فِيــــهِ بُرئِي لَــــو يَزُورْ

رَحْمَـةُ  اللهِ لَــدَى ذا الــ

ــقَبْــرِ مِنْ  بَيْـنِ القُبُــورْ

فِيـــــهِ مَنْجـاتي ورُكني

فِيـــهِ خَفْضِي والسُّـرورْ

لاعِجِي قَدْ هَاجَ  يَا  أُمْــ

ــمَاهُ والخَفْـــضُ رَقَــــدْ

مِنْ  ضَبَـابِ الدَّمْعِ  أَرْنُو

غَيْــرَ غَــافٍ مِنْ  كَــــمَدْ

نَجمَـــةً يَـــــا  أُمُّ نَجمًــا

قَـــدْ  رَمَــقْتُ الأنْجُمَـــا 

غَاضَ مِنِّي البِشْـرُ يَا أُمـْ

ـــمُ  ولَــمْ يَجفُ السَّـــما

(محمد رشاد محمود)

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق