الجمعة، 7 يونيو 2024


(قُلتِها عِندَ الغروبِ) : 

النادي الملكي للأدب والسلام 

(قُلتِها عِندَ الغروبِ) : 

بقلم الشاعر المتألق: محمد رشاد محمود 

(ٌُقُلتِها عِندَ الغروبِ) 

ـ محمد رشاد محمود

في يومٍ غلَّفَته الشجون ، من عام 2008 أهويتُ على جبين أمي اُقبِّلها ، وكانَت أنفاسُها تتسارَعُ ، وضيئَةَ المُحَيَّا ، وإن كربها النَّزع ، فما أعجَزَها عن أن تقول : “قبَّلَتك العافية “. وجال في ذهني شريطٌ للحياة في كنفها منذُ وعَيتُ أدرج في حبائها ، وتَضُمُّني إليها ، فتفك من واعِيَتي مُغلق الكلمات في مجلَّات الأطفال وتُقَرِّبُ إليَّ مواطِنَ الجمالِ في الرسوم والصُّوَر، حتى لقد رغَّبتني في القراءة قبل أن أفكَّ طلاسم الحروف وفَجَّرَت من أناملي قدرَةً صناعًا على الرسم في سنٍّ لا يلتفتُ فيها الصِّغار إلى دلائل الحروف ومعاني الرسوم ، وفاضَت روحُها الطاهِرَةُ بينَ يدَيَّ ، فذرَفتُ الدَّمعَ وتَهدَّجَت أنفاسي وهدَرتُ بأبيات – لعلها لا تَثقُلُ على صبر المُطالِع – كانَ منها :

(قُلتِها عِندَ الغروبِ) : 

” قبَّـــلَتـْــــــكَ العافيـــــــَـــــة “

قُلتِــــها عنـــــــــدَ الغـــــروبِ

والــــرَّدى يَستَـــــلُّ مِن رَيَّــــا

كِ أصـــــداءَ الـــوَجيــــــــــبِ

دَعـــوَةٌ أرجــــــو بيُـمنـــَـــــــا

هَــــــا مُجــافــاةَ الذنـــــــوبِ

جـــــازَ يَـــا أُمُّ اصطبــــــاري

لَـــوْعَةُ الوَجـــــدِ الصَّبيــــــبِ

والـــــذي أ خْفِــي مـن الأحْـــ

ــزانِ يُـــزكي من لهـــيـــــبي

يا رَواحًــا نـــَــــدَّ عَـــنْ سُحـْـ

ـــرَيَّ بالقَبــــْــــرِ الــــــرَّواحُ

غالَـــهُ المَـــوتُ ولـــــــوْ أبـــْ

ــقــاهُ لانـــْـــجابَ اللَّــــــواحُ

أُمَّتــــــا يَــــا رَحمَــــةً في الأ

رضِ بَثَّـــــــتهــــا السَّمَـــــاءُ

لَيــــــــتَ لي مِنـها لَمـــــــامًا

بَـــــــعــدَ أن حـــمَّ القضــــاءُ

يا غياثي يَــــومَ يطمو الضِّـــ

ـيــــــقُ أيــْــــنَ المَهـــــــرَبُ

ضَاعَ مِن كَــــــفِّي قِيـــــــادي

ضـــاقَ مِنِّــــي المَـذهَـــــــبُ

والأمَــــانِــــــــــيُّ حُطــــــامٌ

بَــــــــــدَّدَتــهُ الـــلَّاعِجـــــاتُ

بِئْـسَـــــتِ الرَّوحـــــاتُ والأوْ

بــــاتُ فاتَتـــهـــا الحــــيـــاةُ

ورَواحــي مـَــــــــا رَواحــي

ضِلَّــــــــــةٌ لِلسَّــــــالِكيـــــنَـا

غِبـــطَةُ العَيْـــــــشِ سَـــرابٌ

مِن ظنـــــونِ الغابِـــــرينـــــا

لَيــــــــــتَ أنَّـــــــا مَعشَــــــرٌ 

لَمْ نَـــــــكُنْ مِن أهلِهــــــــــــا

أو تفــادَينـــــــــا بهـَــــــــــــا

أنَّــــــــــةً مِنْ كَربِــــــــهـــــا

أُمَّتـــــــا أيْــــنَ اختِـلاجُ الـــ

ــخَفْضِ أيــْـــــــنَ الحـــــدَبُ

رَحمَــــةُ اللهِ لَـــــدَى الـــمَكــ

ــــــــــــــــــــــروبِ أُمٌّ وأبُ

عَبـــــــقَرِيُّ الكَـــــــونِ ساجٍ

لَيْــــــــــــتَهُ لَـــــــمْ يَنـــْـطِقِ

جِنَّــــةُ الأعْيُـــنِ فـي الأشــــ

ـــجَــــانِ فَــــقدُ الألَـــــــــــقِ

غَـــلَّــــفَ الكَـــــــونَ حِجـابٌ

مِـنْ غُــيـــــــومِ الــــدَّامِعـاتِ

وعَــــلا الــــــدَّوْحَ نَشِيــــــجٌ 

مِـن رَنيــــــــــمِ الــغـــارِداتِ

وادْلَهَـــــــمَّ الأُفـقُ مَـرأى الــ

ــعَيْــــــنِ طَــيَّ اللَّـــــوْعَــــةِ

كُـــلُّ مــا آنَــسُ مِنـــــهُ الــرَ

رَوْحَ أشْـجَــــى مُهْــــــجَـتِــي

فَــسُـــرَى النَّـــسْـــمِ زَحِيــــرٌ

وسَنَـــا الــشَّمـسِ شُحــــوبُ

والضِّفــــافُ الـــخُضْرُ غَــشَّـا 

هَــــــــــا ذُبُـــــولٌ وجُــدوبُ

والــعُــلالاتُ صَداهَـــــــــــــا

هَـــمْهَـــمَــــــــاتٌ وكُــــرُوبُ 

ولُــهَــــــــــــاثٌ وزَفيــــــــــرٌ

ونُــــــــــوَاحٌ ونَـحــيـــــــــبُ

وَوِطَــاءُ البُــــــرْءِ في الـــدُّنــ

ــيــــــا جِــــرَاحٌ ونُـــــــدوبُ

وَيْـلَـــــتــا مِنْ حُــرْقَةٍ في الــ

ــقَلـــبِ يَـعْصِيــهَـــــــا فَمـي

زادُهَـــــــــــا ذَاتي وأضْــــلا 

عِـي ومَسـْــراهـَـــــــــا دَمـي

بَعثَرَ اللَّـــــــيلُ مِـــن الــسُّلـــ

ــوَانِ مـــــا جَـنَّ الـصَّبَـــــاحُ

وحَصـادي مِنْ غِراسِ الــصَّـ

ــبْــــرِ ذَرَّتْـــــــهُ الـــــــرِّياحُ

ذِكريَـــــــاتٌ لَــمْ يَــعُـد لِـــي

مِنـــــكِ غَيــرُ الذِّكْـــــرَيَــاتِ

لَيْــــتَ مَـــا أفْضَى مِن الأيــ 

ـــيـــَـــــامِ في ظِلِّـــــــكِ آتِ

كُنْــــــتُ فــي فَـيْئِكِ جَمَّ الـــ 

ـــبِشْرِ مَـــــأمُــــولَ الـنَّــجَاةِ

بِتُّ مِــــنْ فَقْــدِكِ صفْـــرَ الرُ

رُوحِ مَكْـــــــــلومَ الشَّبَــــــاةِ 

كُْــــنْتُ في نَبْـــضِكِ أستَجـْــ

ــلِي مِنَ الغَـــيِّ الهُـــــــــدَى

ذا بَـــــــقــائِــــي دُونَ أنْ أَرْ

خَــــى بِــمَـــــرْآكِ سُـــــدَى

كُنْـــتُ إمَّـــا صِحْـــتُ يا أُمـُ

مُ اسْتَنَــــــارَ الغَيْـــهَـــــــبُ

وانْحَنَى الخَفْــضُ علَى الدُّنـ

ــيَـــــــا وَلانَ الـــمُــصْـعَـبُ 

طَابَــــتِ الأحْـــرُفُ بَثَّــــتـــ

ــهَـــــــا شِفَــــاهٌ ولَهَــــــــاةُ

رُقْيَــــــةُ الأحْـزَان خَلَّــــتـْــ

ـــهـَــا لَـدَى الـصَّدرِ الشَّكــاةُ

يـَـــا نَجَـاءَ الـرُّوحِ في الغَمـ

ـــمَاءِ غَشَّاهـــــــــا الـوُجومُ

هَـشَّــــمَ الـقـارِبَ والـمِــجْــ

ـــدَافَ مَــــوْجَـــــاتٌ غَشومُ

أيــــــنَ منِّـي مَنْــطِقٌ كَالسِــ

ـــسِحْرِ فــي الجُلَّــــى جَهـيرُ

وجَبـِــيــــــــــنٌ ألــمَـــــعِـيٌّ

إِذْ نَبَــــــــا الأَيــــــدُ نَصِيـــرُ

وَسِمَــــــــاتٌ نَيـــِّـــــــــراتٌ

وابْتِــسامَــــــــــاتٌ عِــــذابُ

وسَجِيــَّـــــــاتٌ علَى الإمْــــ

ـــلاقِ في العُسرَى رِحـــابُ

ومُحَيًّا – دَعْ وميــضَ الشَــ 

ـشَمـسِ – مِنْــــــهُ البَــــلَــجُ

مَــــا عَـصَى المـــــــأزَمُ إلَّا

جَــــــاءَ مِنــْــــــهُ المَخْــرَجُ

لَيْـــــتَ شِعـري ما الَّــذي أَوْ

غَـــرَ بـالصَّــقْرِ الهَـــــــــزَارُ

أو تُــرَى مَــــا يَبْـتَـــغِي مِـنْ

ضَحـــوَةِ الشَّمـــسِ القَتَــــارُ

والـــفَــرَاشاتُ علَــى الأغـْـــ

ـــصَانِ مَـــــــا أوجَفَهَـــــــــا

والزُّهُـــــورُ النُّجْلُ في الأكْــ

ـــمَــــامِ مَــــــــــا نَدَّفَهَــــــــا 

أَيــْـــــنَ منْ عَيْنَيَّ دَفْقُ النُـــ

ـــنُـــــــورِ أَيـــْــــــــنَ الأَرَجُ 

مَـــــا علَى نَاشِيـــــهِ مِنْ جَـوْ

حِ الأسَــــــــى مُعْتَـــــــــلَــجُ

ضَيْعَتَــــــا مَـا جَنَّــتِ الأَحْـــ

ــــلامُ أَمْــسَــــــى بَــــــــدَدَا

ضِقْتُ بِـــالشِّـــقْــوَةِ والأَشْـــ

ـــجَانِ والجُلَّـــــــى يَــــــــدا

كُــــــــلُّ مَـــــا يبْعَثُ بِالغِبْـــ

ــطَةِ في النَّــفـسِ اسْتَـحــالا

وَصْلُـــهُ أغْضَى علَى الجَفـْــ

ــــــــوِ وآضَ الـــــــــرِّيُّ آلا

أُمَّتَـــــــــا لا أَقـرَبُ السَّــــــر

راءَ مَـــــــــــا أَشْجَيْتــِـــــنِي

آيَـــــةُ السَّيْـبِ لَـــدَى المَحْـــ

ــرُومِ فَقْــــــــدُ المُحْسِــــــنِ

هَــلْ تُــرَى أَشْتَفُّ عِنْــدَ النَــ

ــنَـبْعِ نَـــــفْـحَ الــــزَّهَـــــــــرِ

أَو تُـــرَى أَسْمَــعُ في الأسْـــ

ـــحارِ هَـــــمْـسَ الشَّـــــــجَرِ

وأعِــي وَمْــــضَ العَشِيَّــــــا 

تِ وسَــــــجْـــوَ الـمَغْـــــرِبِ

واخْتِـلاجاتِ السَّنَـــا في النَـ

ــنَجْـمِ بَيْــــــنَ الغَيــــْــــهَـبِ

والـرَّوابي الخُضْرُ رَيَّــا الـدَّوْ

حِ هَــــــــــلْ أَجْتَــــــــالُهَــــا 

بِالنَّـــــدَى مُخْضَلَّــــة الأكْـــ

ـــنــافِ مُدْهَـــــــا مَّــا تُهَـــا 

ربِّـــي أسْكِـنــهـا ضِفَافَ الــ

ــخُلــــــدِ إنَّــــــا مُؤمِنُــــونَا

فَازَ أَهــــــلُ البِــــرِّ بـِــالعُقْـــ

ــــبَـى وأَكْــــــدَى المُبْـطِلونا

أَشْرَفَ النُّــــورُ علَى النُّـــــو

رِ وهَـــــــشَّ الكَــــــــــــوْثَرُ

وَهَـــــفَا الـــرُّوحُ مِـنَ الصَّلــ

ـــصَالِ وَهْــــــــوَ الجَـوْهَـــرُ

(محمد رشاد محمود)

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق