الأحد، 5 فبراير 2023


***  القحط.   ***

النادي الملكي للأدب والسلام 

*** القحط. ***

بقلم الشاعر المتألق: محمد هالي 

***  القحط.   ***

بقلم :  محمد هالي

توجه الى السوق لبيع قطيع أغنامه و الذي يتكون من ست نعاج و خروف، بعد الحاح من زوجته، هو الذي نط في إحدى القنوات الصحافية وصرح بأن حيواناته هذه أعز لديه من أبنائه، لم يسمع له أحدا من المسؤولين بل ظل رنينه يتردد على مسامع المتفرجين العابثين بالمتعة، دون اعتبار لأي صوت أو أي صورة مرت من هناك، و انتهى أمره في آخر المطاف، في ظروف النسيان هذه قرر أن يفعل فعلته هذه، أن يتخلى عن كائناته التي ألفها، كما ألفت الزريبة أن تحتضنهم دائما، فأصواتهم يحدث طربا في الخيمة كلها، لا يمكن تصور خيمة بدون ثغاء، قرر بالفعل أن يدلف السوق بهذه المغامرة الشنعاء،  زوجته فطوم بكت من كثرة الألم، و هي ترى أغنامها تتكبل قوائمها فوق عربة مهترئة تجرهم الى أمكنه بعيدة، ربما الى قرى نائية أفضل من قريتهم ، لعلهم يضفرون بنوع من العيش الكريم، أما هو و زوجته المكلومة لم يبق لهما ما يقدمونه من كلأ و شعير مادام هناك قحط شديد يجفف كل شيء ،حتى الغذاء اليومي لم يجدوا له ما يكفي من النقود لتغطية حوائجه، فطوم بكت بعدما بدت لها  العربة تختفي و هي تقفز فوق تربة حمراء قافرة من النبات، فقط شجرة العرعار تبدو صامدة أمام أشعة الشمس التي لم تنقطع هذا العام، اختفت وراءها العربة تاركة خطوطا في الطريق بواسطة عجلات العربة و قوائم الحمار الأسود المتعب هو الآخر من العوز الشديد الذي أصاب كل شيء، غاب زوجها وقتا طويلا سرعان مابدت العربة عائدة مخلفة وراءها ظل الشجرة المائل على الطريق و غبار الأتربة المتطايرة تزينها أشعة الشمس وسط النهار، و هي تميل يمنة و يسارا و هي تقترب من الخيمة، وقفت متشمرة في مكانها تحت ظل حائط الحجرة الموالية للطريق، يا للمفاجأة شاهدت أغنامها قد عادت بكاملها الا الخروف قد اختفى من مكانه، لم تعرف كيف تجاري زوجها المتعب من أعباء الطريق ظلت صامتة شاردة في همومها الا أن فاجأها زوجها باقتراحاته الجديدة و التي فكر فيها أثناء أعباء الطريق التي تجففها حرارة الشمس المنبعثة طيلة اليوم: اسمعي، لقد بعت الخروف بأقل من ثمنه أما النعاج فهي لم تأت بأي ثمن يناسب تعبنا و كدنا الذي قمنا به طيلة هذا الوقت و نحن نقوم برعايتها، لقد أحضرت بعض الكيلوغرامات من اللوبياء و العدس، و مادمنا لم نستطع توفير الطعام لهذه الخراف، سأذبخهم جميعا، و سنجعل من لحمهم قديدا و عليك أن تقطعيهم تقطيعا يناسب ذلك و قد أحضرت لك أكياسا كثيرة من الملح، انت تعرفين كيفية القيام بذلك، عليك فقط أن تضعي الحبال بين الكرمتين ابعديهم كثيرا عن كلبنا و القطط، و سنحاول أن نساير هذا القحط و سنضمن على الأقل قوتنا اليومي الى أن تتبدل الأحوال من السيء الى الأحسن في الشهور القادمة، أما إذا تحولت الى الأسوأ فهذا أمر يحتاج الى يقظة شعب،  و يقظة دولة لكي لا تتجه الأمور الى ما لا يحمد عقباها.

وضعت يديها على رأسها، أومأت له أنها موافقة، و نهضت تجر أحزانها و اتجهت للعربة تساعد زوجها في إزالة الحبال من قوائم النعاج التي أضناها العطش الشديد. 

بقلم : محمد هالي

توثيق: وفاء بدارنة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق