السبت، 20 أغسطس 2022


على المركبات  فوق عربة كارو 

الأكاديمية الدولية لائتلاف رابطة حلم القلم العربي للأدب والسلام 

على المركبات فوق عربة  كارو 

بقلم الشاعر المتألق: محمد رشاد محمود 

على المَركبات - فوقَ عرَبة كارو ـ 

(محمد رشاد محمود)

ما بين قرية البرمبل منشَأ أجدادي الذينَ تناوَبوا العُموديَّةَ في جنوب الجيزة وقرية الخُرمان ، حيثُ يقطنُ بعضُ الأقارب على الضفَّة الشرقيَّة من النيل ، يضربُ طريقٌ تُرابِيٌّ ضيِّقٌ يتمَطَّى بين أعواد الذرة ذاتَ اليَمين وذاتَ اليسار ، لِمسافَةٍ يعسُرُ على المرء أن يخوضَها إلا أن تكونَ أداتُه حمارًا يمتَطيه ، لم يكُنْ يندُرُ أن يميلَ براكبه إلى الترعَة إذا ظمئَ -الحمارُ ، لا هوَ - حتَّى يوشك أن يقلبَه فيها ، وحافتُها مُتَحَدِّرَةٌ في سفولٍ لا يأمَنُ معه أن يُشفي على التَّلَف أو (عربَة كارو) يستأجِرُها فلا تنفَكُّ صاعِدَةً به هابِطَة ، وهيَ على ذلِكَ آمَنُ وأسرَعُ ، وكانَ أجمَل ما يكونُ مسراها ، وقد غلَّفَ الأرض طيلسانُ الظُّلمَة ولعلَعت النجوم في أجواز السماء ، وهبَّت معَ كلَّ دورَةِ دولابٍ ، وعلى إيقاعِ تقَلُّبِهِ ، نسمَةٌ عبِقَةٌ بأنفاس الزروع ندِيَّةٌ بلعاب النيل ، وفي مثل تلكَ الحال من صيف عام 1977 وأنا في الثالثَة والعِشرين نظَمتُ هذه القَصيدةَ :

أطَيْـــــــفًا أرَى أمْ خيــَــــالًا سَــــرَى

وكَــونًــــا تُـــرَى أم خِـداعَ الكَــــرَى

قَطَعْنــــا الـفَضَاءَ على مَركبـــَــــاتٍ

تَــدبُّ دَبــيـبَ الــــرَّخَـا في الضَّنَى

وقَــد راحَـتِ الـحُمْـرُ مُستَـرسِــلاتٍ

فُوَيْــــقَ التُّـــرابِ وفَــوْقَ الحَـصَى

تَرَنَّـــــمُ إِمَّـــــا عَلَـــــــتْ نَبْــــــــوَةً

فَيَــصْغَـى لـهَـــــــا بالنُّـــزاءِ الـصَّلا

وقَــد رصَّعَـتْ ذاهِيـَــــاتُ النُّـجـومِ

جَبيـــنَ السَّمَــــاءِ وَوَجْــــهَ الفَــــلا

تَبَسَّمنَ عَنْ حُلكَــةِ اللَّيْــلِ شـــاعَتْ

كَلَــمْـعِ الـخَـواطِــرِ بَيــْـــنَ الصَّـدَى

كَــــذا فَلْتَــــكُـنْ نَيِّــــرَاتُ الـعقـولِ

علَـى الـطِّـرسِ مَســـرًى وإلَّا فَــــلا

وَصَلنـَــاهُ شَوْطًـا حَصورَ الجَمَــــامِ

لــدَى النَّفـــسِ سَــلمًا مَديـدَ المَسَى

مُحَــاطًـا بــأدوَاحِـــــهِ المُسْـــدِلاتِ

عَلَى اللَّيـْـلِ لِلَّيـْـــلِ مَعـنَى العَشَــــا

رَفيـــقًا لَـــــــهُ جَلـــــوَةٌ بِالـــفــؤادِ

كَـمَـــا نَضَّـرَ الــزَّهْــــرَ رَفُّ النَّــــدَى

(محمد رشاد محمود)

-------------------------------------

الرَّخا : الهَشاشَة . يَصْغَى : يَميلُ .

الصَّلا : وَسَطُ الظَّهْرِ وما انْحَدَرَ من الوَرِكَيْنِ .

الفَلا : جمعُ الفَلاة ، وهيَ القَفرُ أو الصَّحراءُ الوَاسِعَة .

الصَّدَى : الدِّماغ . الجَمامُ : الرَّاحَةُ .

المَسَى : الرِّفقُ في السَّيْرِ . العَشَا : سوءُ البَصَر توثيق : وفاءبدارنة


.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق