السبت، 9 أبريل 2022


***    الشمس المحمدية    ***

رابطة حلم القلم العربي 

***   الشمس المحمدية     ***

بقلم الشاعر المتألق:  مصطفى كردي 

عدد الأبيات ٨٣

الكامل

***    الشمس المحمدية     ****

إن الشموسَ تغيبُ في بحرِ الدجى

وهو الممدُّ لسائرِ الأكوان ِ


نطقت جميعُ الكائناتِ بفضلهِ

سبقَ الجميعَ مدائحُ الرحمنِ


كانت خلائقُ كونِنا مطموسةً

ظهرت بسرِّ جمالهِ الفتّانِ


رُحِمت عوالمُ أرضِنا وسمائِنا

من نورهِ الدنيا ربوعُ جِنانِ


لم تعرفِ الدنيا بمثلِ جمالهِ

أحدًا فلم يُخلق جميلٌ ثانِ


هو رحمةٌ صِرفًا بغيرِ نقائصٍ

خلقٌ تنزّهَ في سما الإتقان ِ


هو مِنّةُ المولى ومِنحةُ فضلهِ

والأسوةُ الحسناءُ للإنسانِ


قد شابهَ الأعضاءُ منه جسومَهم

لكن جوهرهُ عظيمُ الشانِ


كرعت قلوبُ القومِ من بحرٍ لهُ

سكِروا ومادوا مَيدةَ الأغصانِ


عرفوا كمالَ إلهِهم من ذاتهِ

فكمالهُ مَثَلٌ لكلِّ جَنانِ


دَع عنكَ رميَ الجاهلينَ لقولِنا

ماذاكَ شركٌ فانصتن لبياني


ضربَ القرانُ بآيهِ مثلًا يُرى

فمِثالُ نورِ اللهِ نورٌ ثانِ


مِن غيرِ تشبيهٍ معاذَ اللهِ أو

وهمٍ يداخلهُ خيالٌ جانِ


إذ كيف يشبهُ مَن لهُ وصفُ البقا

خلقًا ضعيفًا آيلًا للفانِ


مِثلٌ مَثيلٌ ...لا ... تنزّهَ ربُنا

قلتُ المثالَ ويفرقُ اللّفظانِ


فكمالُ ذاتِ محمدٍ أُمثولةٌ

نورٌ على نورٍ ختامُ بياني


والحمدُ للهِ الذي منهُ الإعا

نةُ في بلوغِ الحقِّ والتِّبيانِ


وصلاةُ ربي سرمدًا وسلامهُ

تُهدى لطهَ نقطةِ الفُرقانِ


والآلِ والصحبِ الكرامِ وكلِّ مَن

نهجوا طريقَ الحقِّ والإيمانِ


إنّ الصلاةَ عليكَ يا خيرَ الورى

نورٌ من الباري تنيرُ جناني


يا سيدًا ملأَ القلوبَ محبةً

فصفت وكانت منبعَ الإحسان ِ


أنت الذي فيكَ العقولُ تنزّهت

فتحيّرت بدقائقِ العِرفانِ


يا سيدي نشكو إليكَ مَذلّةً

عمَّت فصارت مذهبَ العُربانِ


العدلُ منكَ إليكَ في شوقٍ وقد 

ضاقَ الزّمانُ بعصبةِ القُرآنِ


أدرِك ففيكَ الناسُ قد رُحموا ومَن

للناسِ غيرُكَ من دجى العِصيانِ


كم أنَّةٍ دُفِنَت لأمٍّ أو أبٍ

أو صرخةٍ سُحِقَت بظلمِ الجاني


هذا العراقُ إليكَ يشكو جرحَهُ

والقدسُ تنزِفُ أهلَها وتعاني


والمسلمونَ كما صدقتَ كقصعةٍ

لا يمنعونَ يدًا لحبِّ الدّاني 


ربّيتَ غِلمانًا فقادوا ذي الدُّنى

واليوم تهذي دفّةُ الغِلمانِ


قد ضيّعوا كلَّ المبادئِ ليتَهم

لم يتركونا لُقمةَ الغِيلانِ


لما أردنا اللهَ ذَلَّ بعزِّهِ

نيلُ العزيزِ بهمّةِ الفتيانِ


وحكى الزمانُ مفاخرًا قامت بها

دولٌ فسادت بعد طولِ هوانِ


وتبدّلت هِمَمُ الرِّجالِ فعيشُنا

ضنكٌ وهذي سنّةُ الدَّيانِ


لكنّ رحمةَ ربِنا سبقت لنا

قد جَفَّتِ الأقلامُ عن حُسبانِ


أنّ الخِتامَ ختامُ مِسكٍ للذي

عَشِقَ النبيَّ وشِرعةَ المنّانِ


ثمّ استقامَ على الشّريعةِ موقِنًا

شرطُ القَبولِ سلامةُ الإيقانِ


مَن جاءَ يوم الحشرِ يجهلُ ربَّهُ

ذاقَ الحميمَ بذِلِّةِ الكُفرانِ


والجهلُ من جَهِلَ الصفاتِ لربِّهِ

وبعلمهِ قد شُرِّفَ الثقلانِ


من بالغٍ بلغتهُ دعوةُ شرِعنا

وكذاكَ يعقلُ والحواسُ اثنانِ


بصرٌ وسمعٌ أو يكون بسمعهِ

هذي شروطُ مكلَّفِ الإنسانِ


أما الصّفاتُ فعدَّها أهلُ العلو

مِ بعشرتينِ فعُضَّ بالأسنانِ


العلمُ أنّ لربِّنا صفةُ الوجو

دِ وأنها لا تنتفي كالفانِ


لا بَدءَ فيها أو نهايةَ إنها

ذاتٌ مبرأةٌ فلا طرفانِ


قيدُ الزمانِ أو المكانِ لغيرِها

حاشا يقيّدُ ذاتَها قيدانِ


الشكلُ والحَدُّ الذي في خَلقهِ

عند الوجودِ الحق ِّ منتفيانِ


فقيامهُ جَلَّ الإلهُ بنفسهِ

وإليه تُسنَدُ جُملةُ الأكوان ِ


قد أظهرَ الأشياءَ مِن عدمٍ ولو

لا اللهُ ما ظهرت بهِ لعِيانِ


هو أوّلٌ هو آخرٌ هو قادرٌ

قد خالفَ الأشياءَ في الحِدثانِ


وهو الغنيُّ وواحدٌ ذو قدرةٍ

وإرادةٍ والعلمِ لا النِّسيانِ


السمعُ والبصرُ اللذانِ لربِّنا

قد كاشفت ما كان في الوجدانِ


صفةُ الحياةِ وكونهُ متكلمًا

بكلامهِ والغيرُ في كِتمانِ


الصوتُ والحرفُ افتقارٌ واضحٌ

فوجودهُ بكلامِنا ضَعفانِ


والرَّسمُ مخلوقٌ يدلُّ بشكلهِ

وكلامهُ قد بانَ بالقرآنِ


حيٌّ سميعٌ عالمٌ بجهالتي

وهو البصيرُ ينيرُ للعُميانِ


ومن المحالِ النَّقصُ في أوصافهِ

منه الكمالُ فجَلَّ عن نُقصانِ


واللهُ يفعلُ مايريدُ وإنهُ

إن شاءَ شيئًا كان في الإمكان ِ


إن شاءَ صارت جَنّةُ المأوى لمِن

كفروا بهِ أو شاءَ للنِّيرانِ


لكنه عَدلًا توعّدهم ومِن

فضلِ الكريمِ إرادةُ الغُفرانِ


نحن العبيدُ وإنما هو ملكهُ

فمِن المُحالِ الظلمُ للرّحمنِ


واللهُ خالقُنا وخالقُ فعلِنا

ومن الثُّبوتِ الكسبُ للإنسانِ


والرُّسلُ صِدقًا بلّغوا بفَطانةٍ

لهمُ الأمانةُ فالتزِم بأمان ِ


لكنهم بشرٌ وحُقَّ لمثلِهم

أكلٌ وجوعٌ نومةُ اليقظانِ


مرضٌ كسحرٍ لا يكونُ مُنَفِّرًا

والسَّهو بعد بلاغِهم وبيانِ


وهمُ الوسيلةُ والغياثُ لطائعٍ

وهمُ الملاذُ لما جنتهُ يدانِ


وهمُ الهداةُ وحُبُّهم فرضٌ على

كلِّ القلوبِ وطاعةُ الأبدان ِ


المرءُ يُحشرُ مع حبيبِ فؤادهِ

لابُدَّ يوم الحشرِ يلتقيانِ


يا ربّ فاجمع شملَنا بمحمدٍ

والآلِ مع صحبٍ ومع إخواني


واهدِ الذين يُشرِّقونَ بجَهلِهم

ويُغربونَ كفِعلةِ السَّكرانِ


مَن ظَنَّ أنّ اللهَ يسكنُ عرشَهُ

فالعرشُ والكرسيُّ مخلوقانِ


طَعنوا بتأويلِ النّصوصِ وأعملوا

فيها فهومًا زُبدةَ الهذيانِ


والحقُّ أنّ النّصَّ يُقرأُ لفظهُ

فإذا تشابهَ رَُّد للدَّيانِ


واللهُ ليس كمثلهِ شيءٌ فحا

ذِر أن تكون مشبِّهًا بمعانِ


وارجِع إلى أمِّ الكتابِ فخُذ بها

ودَعِ الهوى واحذر مِن الزَّوغانِ


واعلم بأنّ اللهَ يظهرُ للقلو

بِ الذاكراتِ وليس للغفلانِ


الذِّكرُ بابٌ للفهومِ وإنما

الأفكارُ تأتي بعد تركِ الفاني


وامحُ السِّوى مِن لوحِ قلبكَ إنه

غيمٌ ورينٌ مانعُ العِرفانِ


فإذا صفا قلبٌ تجلّى أنه

ما في الوجودِ الحقِّ شيءٌ ثانِ


واذا بحارُ العلمِ فيكَ تفجّرت

والشمسُ لاحت تدمغُ الظُّلماني 


هذي الحقائقُ كلُّها وزيادةٌ

عُرفت بهادي ثالثِ الأركان ِ


أصلُ الولايةِ والمعارفِ قلبهُ

والقَسم عند السَّيِّدِ العدنان ِ


فالقَطرُ مِن تلكَ البحارِ تشكّلت

ولها تعودُ بدورةِ الأزمان ِ


عذبُ المياهِ وغيرهُ ملحٌ أجا

جٌ فيه كُن هل يستوي البحرانِ


صلى عليكَ اللهُ ماغابَ السِّوى

والشمسُ ضاءت في سما الإحسان ِ

بقلم : مصطفى محمد كردي

توثيق : وفاء بدارنة 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق