السبت، 20 يوليو 2024


*** صرخة صَمتٌ. ***

النادي الملكي للأدب والسلام 

*** صرخة صَمتٌ. ***

بقلم الشاعر المتألق: جورج عازار 

*** صرخة صَمتٌ. ***

بحُرقةٍ بَكتْ عَقداً

واختارت أشجارُها العُقمَ

والجبلُ صامتٌ

كأنَّهُ ما كان بالأمسِ

مَرتعاً للمُتعةِ وللنَّاظرين فُرجَةً

وللنسائمِ هو الحَاجِبُ والجِفْنُ

شاربُ الغِرِّ

ينمو فوق جِلدٍ مُتَغَضِّنٍ

والأجِنَّةُ تأبَى الخُروجَ

فما عادت تُغريها المُجازِفاتُ

والمطرُ الجريحُ

يَنزفُ دَماً

وسنابلُ الحَقلِ صارت غَمَاماً

مِن جَوى

يبِسَ النَّارَنجُ بين أحضانِ أمِّهِ

والعطرُ غادرَ

زُهورَ الياسمين العَليلة

عَشتار تُغتصبُ

والدُّموعُ هُطولٌ

وأهريمان في الأرضِ

يَعيثُ فَساداً وهو يعِظُ

صَمَتَ وهجُ النَّارِ

وبقيت رائِحةُ الشِّواءِ

في فَضاءاتِ البِلادِ تَجولُ

تزدَحِمُ الدُّروبُ

والعيونُ قَفرٌ

والرَّوضُ ساحَاتُ مَقابرٍ

طنينٌ يَسكنُ الرُّوحَ

والدَّمعُ مِلحٌ

ونُسورٌ حولَ الوليمةِ تَحومُ

أوراقٌ تَتآكَلُ

وصورٌ من عهودٍ تليدةٍ تَندثِرُ

أحاديثُ الهَمسِ فَزَعٌ

والذِّكرى أصنامٌ

والبيتُ للمفاتيحِ يفتقدُ

كُلُّ الشوارِعِ هَلعٌ

وساهراتُ السَّماءِ مُعتَماتٌ

لا تفتحْ تِلك النَّافذةَ

كي لا يَفِرَّ منها العَصفورُ

فيَغدِرُ به الصَيَّادُ

أخجلُ أن تَرى يَدي مَمْدودَةً

فَتَظِنُّ أنَّ العالمَ يحتَضرُ

أنا بخيرٍ

لا الألمُ يختبِرُني

ولا الجوعُ يفتِكُ بعِظامي

ولا الوَسْواسُ بوجداني يَنخُرُ

أنا بخيرٍ

لا أشكو سَقماً

ولا يعتريني اِعتلالٌ

ولا تَكتُمُ أنفاسي رائِحةُ الجِيَفِ

لا بَردٌ يَطالُ مفاصِلي

ولا وهجُ تموزَ

يَصلي سِحنةَ وجهي

أنا بِخيرٍ

لا عَوَزاً أشكو

ولا رغيفاً ساخِناً أبتغي

ولا في كُسوةٍ فاخِرةٍ أطمعُ

فالكَتَّانُ يَلفُّني بإحكامٍ

ويَستِرُ عَورةَ هذا العَالَمِ

بقلمي: جورج عازار

ستوكهولم ـ السويد

اللوحة من إبداع الفنان التشكيلي السوري يعقوب اسحق

توثيق: وفاء بدارنة 

التدقيق اللغوي: أمل عطية 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق